الكلم الطيب وفاء الرسول لأم المؤمنين خديجة قدوة ونموذج لكل الرجال في معاملة الزوجة المخلصة ودورها في الحياة

الإيثار والوفاء نعمتان يسعد بهما من البشر من امتلأ قلبه بالإيمان وحب
الخير والإخلاص في الأداء والعطاء دون مَنًّ أو تفاخر. بفرحون عندما
يقدمون خدمة لإنسان. لا يريدون جزاء أو شكرا من أحد. وقد كان سيدنا محمد
صلي الله عليه وسلم أفضل العالمين في الإيثار والعطاء والعمل بكل جهد
لهداية البشرية. يتغاضي عن الهفوات. ويقدم الخير لكل انسان حتي من
يخالفونه في الدين. وتجسد عطاؤه في اكرامه للنساء وزوجاته في المقدمة.

لقد كان رسول الله صلي الله عليه وسلم خير من أكرم الآخرين. مواقفه
مشرفة مع أكثر الناس خصومة له. سيرته العطرة زاخرة بالأعمال والجهود التي
كان يبذلها من أجل الآخرين ولعل أقرب مثال علي ذلك وقوفه عندما مرت أمامه
جنازة لرجل غير مسلم. وحينما أخبروه بأنها لشخص يهودي. وهل يقف لهذا
اليهودي؟ جاءت الإجابة معبرة عن مكارم أخلاقه ونقاء معدنه حيث قال صلي
الله عليه وسلم: أليست نفسا؟ انه سيد الخلق صفاء ومودة وتقديرا لآدمية
الإنسان.

وقد ضرب الرسول صلي الله عليه وسلم المثل والنموذج لكل البشر في
تعاملاته خاصة مع زوجاته أمهات المؤمنين. وقد كانت أم المؤمنين خديجة في
مقدمة هؤلاء الزوجات. عطاء وتقديرا وتكريما لدورها المشرف معه. فقد كانت
أول من آمن برسالته من النساء. ومواقفها بجواره تؤكد أن أم المؤمنين خديجة
كانت الزوجة الوفية المخلصة التي كانت تقطر حنانا وصفاء وحبا لسيد البشر.
تضمد جراحه حينما يتطاول عليه المشركون. كلماتها بلسم ونور يبعث في نفس
المصطفي الأمل ويخفف عنه جفوة أهل الشرك والضلال.

وقد كان تقدير سيدنا الرسول صلي الله عليه وسلم للسيدة خديجة نموذجا
رائعا وقدوة لكل الرجال علي مدي الأيام وتوالي السنين. تجسد هذا التقدير
والوفاء حينما رحلت هذه السيدة الفاضلة والزوجة الطيبة الطاهرة الفاضلة عن
الدنيا كان قلب سيدنا الرسول مفعما بالحزن. ولوعة الفراق كانت تبدو في وجه
المصطفي لأن رفيقة الدرب كانت نعم الزوجة الصالحة بكل ما تعنيه الكلمة
ويصدق في حقها قول الشاعر العربي:

ولو كانت النساء كهذه


لفضلت النساء علي الرجال


تجسد هذا الوفاء لدي صاحب الإسراء والمعراج عليه صلوات ربي وسلامه
حينما كانت تفد الي بيت القدوة أم أيمن وهي سيدة كانت وثيقة الصلة بأم
المؤمنين خديجة. تعيش أوقاتاً مع الرسول وأولاده تنعم بالحب والمودة تشهد
كل ما يدور في بيت الرسول ولا تنطق بأي كلمات لأي إنسان عن الذي تراه
وتسمعه. تنطق كل قول طيب وقلبها يمتلئ حنانا ومودة للمصطفي وآل بيته.
اكتسبت هذه الأخلاق من خلال حياتها في بيت الطهر والعفاف وتعلمت من أم
المؤمنين خديجة كل الصفات الطيبة في كل مجالات الحياة والمعاشرة بالصفاء
والعمل الطيب. أم أيمن كانت في بيت النبوة تتمتع بحب بنات النبي والكل
يسعد لرؤيتها ويقدر لها مكانتها فهي الأمينة علي أسرار هذا البيت الطاهر.

أم أيمن.. كانت دائمة التردد علي الرسول وأهل بيته حتي بعد رحيل أم
المؤمنين خديجة. وقد كانت سعادة النبي صلي الله عليه وسلم بلا حدود حينما
يراها. ينشرح صدره ويبدو البشر في كل ملامحه يتذكر أيام الحياة السعيدة في
رحاب السيدة الفاضلة خديجة. يفرش لأم أيمن رداءه ويكرمها أفضل تكريم ويقول
علي مسامع زوجاته كانت تأتينا أيام خديجة.. وفاء وعرفانا لهذه السيدة
الفاضلة أم المؤمنين وتقديرا لكل من كانت تعرفه. لا يبخل علي أم أيمن بأي
عطاء. ويسعي لخدمتها. وتخرج أم أيمن من بيت النبوة ومشاعرها مفعمة بالحنان
والمودة والمكانة الطيبة.

تعامل الرسول لأم أيمن كان يثير زوجاته خاصة السيدة أم المؤمنين
عائشة رضي الله عنها. لكنه صلي الله عليه وسلم كان لا يلتفت الي ذلك.
وعندما رأت السيدة عائشة رضي الله عنها غضب رسول الله من تصرفها وغيرتها
تخلت بصفة نهائية عن هذا الأسلوب حبا وتقديرا لسيد الخلق واكراما لأم أيمن
مضيفة بيت النبوة والتي حظيت بشرف العمل في رحاب سيد الخلق.

هذا الأسلوب من تعامل الرسول الكريم لم يقتصر علي أم المؤمنين السيدة
خديجة وانما كان يمتد الي كل زوجاته. يقدر لكل منهن دورها ومواقفها. يسعي
لتوفير كل وسائل الراحة لهن ويتخذ كل السبل من أجل اسعادهن. رحيم بأهل
بيته. وكان يقول: "اللهم ان هذا قسمي فيما أملك فلا تلمني فيما لا أملك"
يقصد الحب. إنه صلي الله عليه وسلم يعبر عن العدل في تعامله مع الزوجات
وقد امتد هذا الحنان وتلك المودة الي كل بنات حواء علي أساس النساء شقائق
الرجال. يعلم النساء كما يفعل مع الرجال يؤكد بهذا التعامل ان من يكرم
النساء كريم. واللئيم هو الذي يسيء الي المرأة. ان الرسول الكريم قدوة
ونموذج لكل انسان في المودة والوفاء وكل مكارم الأخلاق. فهل نقتدي برسول
الله صلي الله عليه وسلم في كل تعاملاتنا.